مقدمة : تشهد منظمات الأعمال اليوم تحركا وتغييرا ديناميكيا سريعا جدا وبصورة شاملة أي في أوجه عديدة اجتماعية، اقتصادية، سياسية و ترتبط فيما بينها بعلاقة تأثير وتأثر وذلك على مستوى الفرد ومنظمات الأعمال والجهات القومية العالمية.
يطرح التغيير حاليا على المؤسسات عدة رهانات تفرض عليها التغيير الديناميكي والشامل بشكل يجعلها تتكيف معه بشكل حتمي لتتمكن من تحقيق أهدافها وبالتالي استمرارها بالوقوف في وجه المنافسة العالمية الشرسة.
كما أصبح التغيير في وقتنا الحالي هو الثابت الوحيد، مما فرض على المنظمات تطوير نفسها أو إعادة تصميمها الداخلي بمعنى تبني التجديد داخلها.
بالإضافة إلى ظهور التحالفات والتكتلات الاقتصادية الكبرى وبروز ظاهرة اندماج الشركات العملاقة، أصبحت المنافسة شديدة وأصبحت ترتكز بشكل جوهري واستراتيجي على مفهوم الجودة الشاملة على مستويات المؤسسة وكل أنشطتها ووظائفها.
انطلاقا من هذا يمكن طرح الإشكالية التالية :
" كيف يتم إدارة التجديد في المنظمات؟ وما المقصود ببرامج الجودة الشاملة؟ "
للإجابة على هذا التساؤل ارتأينا تقسيم بحثنا هذا إلى 03 مباحث أساسية يهتم الأول بالتغيير والتطوير التنظيمي، أما المبحث الثاني فهو أمثلة لتطبيق التغيير في المنظمة، ثم يأتي المبحث الثالث للحديث عن برامج الجودة الشاملة التي تستعمل في غالب الأحيان لقياس مدى الجودة المتحصل عليها بعد إحداث التغيير.
المبحث 01 : إدارة التغيير والتطوير التنظيمي
قد يكون التغيير في المنظمة أحيانا ضرورة قصوى لابد القيام بها لتجاوز وضع معين، لكن المشكل الأساسي هو رفض الأفراد في الغالب لهذا التغيير وخوفهم منه، مما يستدعي إدارة فعالة لهذا التغيير حتى يتم تقبله ودعمه من طرف الأفراد في المنظمة.
مطلب 01 : أنواع وخطوات التغيير
لا يمكن إحداث التغيير في منظمة ما دفعة واحدة وإنما لابد من وجود مجموعة من الخطوات التي يجب إتباعها لتحقيق ذلك، كما أن التغيير في المنظمة قد يشمل عدة جوانب.
أولا- أنواع التغيير : قد يتطلب التغيير في المنظمة تغيير عدد من النواحي أهمها :
1- التغيير في الإستراتيجية : في غالب الأحيان فان الرغبة في التغيير التنظيمي تبدأ بإعادة النظر في إستراتيجية المنظمة ورسالتها.
2- التغيير في الثقافة التنظيمية : إن تغيير الإستراتيجية يستدعي إتباعها بإدخال تغييرات أخرى في ثقافة وقيم الأفراد داخل المنظمة، حتى يتماشى مع التغيير الجديد مثل محاولة إرساء قيم وعادات جديدة أو خلق أبطال جدد. ولأن تقبل الأفراد لهذا التغيير بسرعة نادرا ما يحدث، فان إدارة الموارد البشرية تلعب دورا هاما في ذاك يتمثل فيما يلي :
* توعية الموظفين بالنواحي التي تستحق الاهتمام والقياس والرقابة : حيث يتم توجيه اهتمام الموظفين إلى العناصر التي نرغب أن تكون قيم جديدة للمنظمة مثل الاهتمام بخدمة العميل.
* التصرف بايجابية اتجاه المواقف الصعبة والأزمات التنظيمية : حيث أنه في حالة وجود مشكلة كبيرة في المنظمة فان جميع الموظفين يحاولون حلها ويتحملون تبعاتها إذا كانت قيم التعاون قائمة بينهم.
* التشجيع على نمذجة الدور وتعلم القيم الجديدة التي نود التأكيد عليها : فمثلا استطاع Wall Mart أن يرسي مجموعة من القيم الجديدة لديه، حتى أصبح من أغنى أغنياء العالم بسبب التأكيد على قيم الأمانة والاقتصاد في التكلفة والعمل الجاد.
* التعامل مع الأولويات بنفس أسلوب التعامل مع المكافآت والأوضاع الوظيفية : أي يجب التركيز على تنفيذ ما طلب منا قبل المطالبة بزيادة الأجور والحوافز.
* التوفيق بين إجراءات ومعايير إدارة الموارد البشرية وبين ما تعتنقه من قيم.
3- التغيير في الهيكل التنظيمي : إن من أسرع الطرق لإحداث التغيير التنظيمي في أي مؤسسة كانت هو تغيير هيكلها التنظيمي، حيث يتم إعادة تنظيم المصالح والأقسام داخلها، وإلغاء المصالح غير المفيدة أو دمج المصالح المتشابهة أو حتى استحداث وظائف جديدة إذا استدعى الأمر ذلك، بالإضافة إلى إعادة تحديد مختلف العلاقات التي تربط بينها.
4- إعادة تصميم المهام : إن إعادة هيكلة المنظمة يستدعي بالضرورة إعادة تحديد مختلف المهام والوظائف التي يجب أن تقوم بها كل وظيفة، وكل شخص داخلها.
5- التغيير التكنولوجي : يكون له علاقة مباشرة بنظم وأساليب العمل داخل المنظمة، كإدخال نظام معلومات جديد أو تكنولوجيا جديدة في الإنتاج وغيرها من الأساليب الجديدة التي تغير طرق العمل داخل المنظمة عما كانت عنه في السابق.
6- إحداث تغييرات في اتجاهات ومهارات الأفراد : قد تتطلب الظروف إحداث تغييرات في الأفراد أنفسهم من خلال إكسابهم مهارات جديدة تمكنهم من رفع أدائهم.
ثانيا- خطوات التغيير : قبل الوصول إلى إحداث التغيير المرغوب فيه لابد من المرور بمجموعة من الخطوات الضرورية لذلك، حيث أن التغيير في المنظمة قد يواجه تيارين، التيار الأول يرغب بإحداث التغيير ويقبل به ويسعى إليه، أما التيار الثاني فهو الذي يبحث عن الاستقرار ويرفض أي تغيير قد يحدث. مما يجعل المنظمة أمام خيار واحد يتمثل في محاولة خفض قوة التيار المنادي بالاستقرار والمحاولة بكل الطرق الممكنة إقناعه بضرورة التغيير. وبصفة عامة فان خطوات إحداث التغيير تتلخص فيما يلي :
1- خلق الإحساس بوجود حاجة ملحة لإحداث التغيير : حيث يجب على القادة أن يخلقوا إحساسا لدى الأفراد الآخرين بأن التغيير أمر مهم وأنه الحل الوحيد للوضع القائم.
2- زيادة دعم وتأييد الأفراد للتغيير من خلال التشخيص الملائم للمشكلات التنظيمية : بعد خلق إحساس الحاجة للتغيير يقوم القادة بتشخيص مختلف المشكلات الجوهرية للمنظمة ومحاولة الوصول إلى فهم مشترك لهذه المشكلات وإيجاد الحلول لها، مما يجعل الأفراد داخل المنظمة يلتزمون ببرنامج التغيير المقرر في سبيل معالجة هذه المشكلات.
3- تشكيل فريق عمل قائد : لا بد من اختيار مجموعة من الأفراد ذوي الكفاءة والتأثير والقادرين على العمل مع بعضهم البعض في إطار فريق واحد لتنفيذ برنامج التغيير.
4- صياغة رؤية مشتركة : أحيانا يتطلب التغيير داخل المنظمة إحداث تغييرات عميقة تصل حتى رؤية المنظمة التي يتم تغييرها لتتلاءم مع الوضع الراهن.
5- تعريف الجميع برؤية المنظمة : بعد تغيير رؤية المنظمة لابد من نشر الرؤية الجديدة حتى يتمكن كل أعضاء المنظمة من معرفتها وفهمها، ويكون نشر الرؤية عن طريق مختلف الوسائل الرسمية وغير الرسمية/ كما يتم الاعتماد على التكرار حتى تثبت بأذهان العمال.
6- تمكين الموظفين من تسهيل إحداث التغيير : حتى تكون الرؤية حقيقة واقعة لابد من توافر كل الشروط لذلك مثل الرغبة القوية في جعلها وحقيقة وضرورة التغلب على أي عقبات قد تحول دون تحقيق ذلك، من خلال التدريب مثلا الذي يكسب الأفراد مهارات التعامل مع الوضع الجديد.
7- وضع أهداف قصيرة الأجل : إن التغيير لا يحدث بين يوم وليلة وإنما يتطلب وقتا طويلا لذلك، وبالتالي لابد من وضع أهداف قصيرة الأجل ليتم بعدها الوصول إلى إحداث التغيير.
8- تعزيز النتائج والاستمرار في إدخال المزيد من التغييرات : إن الوصول إلى تحقيق نتائج الأهداف القصيرة الأجل يستدعي الاستمرار في إدخال تغييرات تدريجية حتى يتم تحقيق التغيير الكلي.
9- إرساء طرق جديدة لتنفيذ الأعمال في ظل ثقافة المنظمة : كما سبق الذكر فان التغيير في المنظمة يوجب التغيير في قيم الأفراد داخلها.
10- الرقابة على معدلات النجاح وتعديل رؤية المنظمة إذا تطلب الأمر ذلك : حتى نحكم على فعالية التغيير لابد من القيام بمتابعة ورقابة مستمرة للتعرف على مقدار التقدم في تحقيق النتائج، وإذا تطلب الأمر يتم تغيير رؤية المنظمة مرة أخرى خصوصا إذا أثبتت أنها لم تحقق ما كان منتظرا منها.
مطلب 02 : استخدام التطوير التنظيمي في تغيير المنظمات
يعتبر التطوير التنظيمي أحد الطرق المساعدة على إحداث التغيير في المنظمات يتميز بمجموعة من الخصائص، ويجب أن يطبق بطرق محددة ليصل إلى إحداث التغيير.
أولا- مفهوم التطوير التنظيمي :
يقصد به : " أحد المناهج المتخصصة في إحداث التغيير التنظيمي والذي في ضوئه يشارك الموظفون بأنفسهم في اقتراح التغيير والمشاركة في تنفيذه، وذلك من خلال الاستعانة بمجموعة مدربة من المستشارين ".
ثانيا- خصائص التطوير التنظيمي : يتسم التطوير التنظيمي بمجموعة من الخصائص أهمها :
* يعتمد على البحوث الفعلية من خلال جمع البيانات اللازمة ووضعها أمام الموظفين لتحليلها واستخراج الفرضيات الخاصة بالمشاكل الملاحظة.
* تطبيق العلوم السلوكية في تحسين مستوى الكفاءة التنظيمية.
* استهداف تغيير قيم واتجاهات ومعتقدات الموظفين، ولذلك فان الموظفين يشاركون في تحديد وتنفيذ مختلف التغييرات المطلوبة في المنظمة لتحسين ممارسة الوظائف.
* وضع هدف محدد والسعي إلى تغيير المنظمة في اتجاه تحقيق هذا الهدف مثل تحسين جودة العمل.
ثالثا- تطبيقات التطوير التنظيمي : تزايدت التطبيقات المختلفة التي يمكن الاعتماد عليها في تطوير المنظمات، نذكر منها 04 تطبيقات رئيسية هي :
1- التطبيقات الإنسانية : يستهدف هذا التطبيق تحسين المهارات المتعلقة بالعلاقات الإنسانية وزيادة القدرة على التحليل الجيد لسلوك الفرد والجماعة وذلك بهدف زيادة قدرتهم على التعامل مع المشكلات الشخصية أو الخلافات بين أفراد العمل، ومن الأساليب المستخدمة لتحقيق ذلك ما يلي :
* تدريب الحساسية : يتم فيه تشكيل جماعات على شكل حرف "T" تتكون من 10-15 شخص يتناولون مجموعة من المواضيع دون تحديد النقاط الواجب مناقشتها، أي أنها تكون في شكل مناقشة عامة يتم خلالها التعبير عن أحاسيس كل فرد، الهدف منها هو زيادة قدرات الأفراد على مراقبة سلوكياتهم وتحليل سلوكيات الآخرين.
* أسلوب بناء الفريق : يقوم هذا الأسلوب على قيام مستشار بمقابلة كل فرد، ينتمي لفريق العمل الذي نقوم بدراسته، ويطرح عليهم مجموعة من الأسئلة أهمها : ما المشكلات التي تواجهكم؟ ما هي اتجاهاتكم بشأن وظائف المجموعة؟ ما هي المعوقات التي تحول دون تحقيق الأداء الجيد للمجموعة؟، وعند حصوله على البيانات يتم بتصنيفها إلى مجموعة من المواضيع التي سيتم طرحها على أفراد الفريق مجتمعين من أجل تحليلها والخروج بنتيجة.
* البحوث التطبيقية : تتم من خلال إجابة كل الموظفين على استقصاء يوزع عليهم، وعند الحصول على الإجابات تستخدم كمادة أولية للجماعات المسؤولة عن تحليل المشكلات.
2- التطبيقات التكنوهيكلية : أي إحداث تغييرات في الهياكل والطرق وتصميم الوظائف، ومن أهم هذه الأساليب برنامج تغيير الهيكل الرسمي والذي يقوم الموظفون فيه بجمع البيانات عن الهياكل الحالية ثم تطبيق نمط جديد لحل المشكلة القائمة.
3- تطبيقات إدارة الموارد البشرية : تتمثل أهم تطبيقات إدارة الموارد البشرية في نظم الأداء ونظام المكافآت المتبع في تعويض الموظفين، بالإضافة إلى برامج إدارة قوة العمل المتباينة الثقافات.
4- التطبيقات الإستراتيجية : تستهدف هذه التطبيقات إيجاد التوافق بين إستراتيجية الشركة، هيكلها التنظيمي، الثقافة السائدة بها ومتغيرات البيئة الخارجية، ومن أهم الأساليب لتحقيق هذه التطبيقات نجد الإدارة الإستراتيجية المتكاملة والتي تتكون من 04 خطوات أساسية هي ;
* تحليل الإستراتيجية المتبعة حاليا وكذا الهيكل التنظيمي.
* اختيار الإستراتيجية المقترحة وكذا الهيكل التنظيم اعتمادا على التحليل الذي يجريه مستشارو التطوير التنظيمي.
* وضع خطة للتغيير الاستراتيجي تشرح كيفية إجرائه
* تنفيذ الخطة الإستراتيجية الموضوعة مع مراعاة التقييم المستمر للنتائج.
المبحث 02 : بعض أساليب التغيير المعتمدة في المنظمات
ان التغيير في المنظمة قد يكون تغييرا بسيطا أو تغييرا جذريا يصل حتى إستراتيجية أو رؤية المنظمة، من هذه التغييرات نتناول طريقتين لتغيير الهيكل التنظيمي، وطريقة لتغيير بسيط يتمثل في تغيير ساعات العمل وتبني ساعات عمل مرنة.
المطلب 01 : تصميم المنظمات على أساس فرق العمل
مع كبر حجم المنظمات وظهور الشركات المتعددة الجنسيات فان إدارة نشاطات هذه الشركات، في عدد كبير من الأسواق العالمية التي تحكمها متغيرات بيئية مختلفة، أصبح صعبا مما أجبر هذه الشركات على تبني تنظيم آخر غير التنظيم الهيكلي الذي يتميز بالمركزية، وأصبح أسلوب فرق العمل أكثر الأساليب المستخدمة حاليا.
أولا- مفهوم فرق العمل الموجهة ذاتيا :
يقصد بفرق العمل الموجهة ذاتيا : " مجموعة من الفرق المسؤولة عن ممارسة مجموعة من المهام المستقلة، والتي تعتمد على الأسلوب الجماعي في اتخاذ القرارات المتعلقة باختيار أعضاء الفريق، أو حل المشكلات المتعلقة بالوظائف، أو تصميم الوظائف الخاصة بها وجدولة الوقت اللازم لممارسة أنشطتها ".
إن الأفراد المنتمين إلى هذه المجموعات فهم على درجة عالية من التدريب الذي يمكنهم من حل المشكلات أو تصميم الوظائف أو مقابلة المرشحين لشغل الوظائف، كما أن الفرد في هذه المجموعات يمارس العديد من المهام حتى ولو كانت من مسؤوليات مشرفه المباشر.
يعتبر "رنسيس ليكرت" من أوائل الذين نادوا بفكرة تشكيل هذه الفرق، حيث أوضح أنه من الممكن استغلال أقصى طاقة متاحة لدى الأفراد في حالة اشتراكهم في جماعة وظيفية متماسكة ومتلاحمة.
ونظرا للنجاح الباهر الذي حققته هذه الفرق فقد انتشرت بشكل واسع في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أصبح عدد كبير من المؤسسات الأمريكية تعمل بها. كما يجدر الذكر أن العديد من المديرين يرون بأنه أسلوب فعال لتحسين إنتاجية العاملين لأنهم شاركوا في صنع واتخاذ القرارات الهامة.
ثانيا- الإرشادات المتبعة لبناء فرق عمل منتجة : حتى يتم تشكيل هذه الفرق بأمثل طريقة فانه لابد من الاختيار الجيد للأفراد ذوي الكفاءة بالإضافة إلى التدريب والتحفيز وغيرها من الأنشطة التي ينبغي على إدارة الموارد البشرية الاهتمام بها، وبالتالي فان من أهم الإرشادات التي يجب إتباعها لبناء فرق منتجة ما يلي :
* وضع معايير للأداء، من أجل استخراج الانحرافات الناتجة عن الفرق بين الأداء الفعلي والأداء المعياري من أجل التصحيح.
* اختيار الأعضاء بناء على ما يتوفر لديهم من مهارات مع الأخذ بعين الاعتبار احتمالات إكساب الأعضاء مهارات جديدة.
* تدريب الأعضاء ليكونوا مدربين ليكونوا رؤساء.
* الإعلام المنتظم للأعضاء بما يواجه المنظمة من تحديات مع تزويدهم بالحقائق والمعلومات التي يسترشدون بها في اتخاذ قراراتهم.
* اختيار الأفراد الذين يرغبون في العمل بروح الفريق.
* الاهتمام بالتدريب بشكل كبير.
* الاهتمام بالتدريب عبر الوظائف لإتاحة الفرصة أمام العضو لتعلم وظيفة زملاءه سواء بشكل غير مباشر أو خلال نظام محكم للتناوب الوظيفي.
المطلب 02 : إعادة هندسة العمليات
تعتبر شركة IBM من الشركات الرائدة التي اعتمدت على هذا الأسلوب في إعادة تصميمها من أجل تخفيض الوقت اللازم لخدمة العميل.
أولا- مفهوم إعادة هندسة العمليات :
يقصد بإعادة هندسة العمليات : " إعادة التفكير الأساسية وإعادة التصميم الجذري للعمليات بهدف تحقيق تحسينات جوهرية فائقة، وليست هامشية تدريجية، في معايير الأداء الحاكمة مثل التكلفة، الجودة، الخدمة والسرعة ".
كما أن إعادة هندسة العمليات تتميز بمجموعة من الخصائص التي تتمثل فيما يلي :
* إمكانية دمج العديد من الوظائف المتشابهة في وظيفة واحدة.
* تمكين الموظفين من اتخاذ العديد من القرارات.
* التأني في اختيار وتدريب المسؤولين عن القيام بأنشطة إعادة هندسة العمليات.
* استحداث وظيفة جديدة يطلق عليها (مدير الخدمة) والذي يكون مسؤولا بصفة أساسية عن خدمة العملاء وحل مشاكلهم.
ثانيا- دور إدارة الموارد البشرية في إعادة هندسة العمليات : لقد أدرك الخبراء أن إدارة الموارد البشرية تلعب دورا هاما في التنفيذ الناجح لجهود إعادة الهندسة، ويمكن إبراز أهمية هذا الدور من خلال ما يلي :
1- الحصول على الدعم والتأييد لجهود إعادة هندسة العمليات : حيث أن نجاح عملية إعادة الهندسة يستلزم دعما كبيرا من الموظفين وبالتالي فان إدارة الموارد البشرية هي المسؤولة عن تعيين الأفراد الذين تتوفر فيهم القيم التي تتماشى مع التغيير، وكذا تحفيزهم أكثر وضمان اتصالات أقوى.
2- مساهمة إدارة الموارد البشرية في تشكيل فرق العمل : وذلك من خلال اختيار أفضل الأفراد والذين يمكنهم العمل معا، وكذا تدريبهم على اكتساب المهارات اللازمة لأداء الأنشطة الجديدة المتولدة عن تشكيل فرق العمل.
3- دور إدارة الموارد البشرية في تغيير طبيعة العمل : حيث تتطلب إعادة هندسة العمليات التحول من الوظائف المتخصصة إلى الوظائف العامة ذات الأبعاد المتعددة، ولكن هذا لا يعني أن الفرد سوف يكون مسؤولا عن كل العملية ولكن المسؤولية تكون مشتركة بين أعضاء فريق العمل، وبالتالي فان إدارة الموارد البشرية عليها تعيين الأفراد ذوي المهارات المطلوبة أو إكسابهم هذه المهارات من خلال برامج تدريبية فعالة.
4- دور إدارة الموارد البشرية في التحول من وظائف المراقبة إلى الوظائف الممكنة : فالموظفون بحاجة إلى التمكين الذين يحفزهم على القيام بما يطلب منهم من مهام، وفي نفس الوقت تطبيق إعادة الهندسة يقلل من مستوى الإشراف الواقع عليهم، وهذا ما يلزم إدارة الموارد البشرية على التركيز عند اختيار الموظفين الجدد على توافر هيكل مناسب من القيم لديهم.
5- دور إدارة الموارد البشرية في التحول من التدريب إلى التعليم : حيث أن الأمر لم يعد مقصورا على تزويد الفرد بالتدريب الذي يمكنه من أداء وظيفته بشكل أفضل، ولكن من المهم التأكيد على أن أعضاء فريق العمل بحاجة إلى تعليم يزيد من فهمهم لكيفية تحليل وحل المشكلات وفي نفس الوقت يؤدي إلى التحسين المستمر للعمليات.
المطلب 03 : إعداد ترتيبات العمل المرنة
قد لا يتطلب تطوير المنظمة إدخال تغييرات جذرية وإنما قد يكتفي بإدخال تغييرات بسيطة كالتغيير في وقت العمل وتخصيص ساعات عمل مرنة، ونستعرض فيما يلي البدائل الممكنة للجدولة المرنة :
أولا- وقت العمل المرن :
يعرف وقت العمل المرن على أنه : " خطة يقوم الموظف بمقتضاها بتقسيم وقت العمل إلى نوعين، الأول هو وقت مركزي غالبا ما يقع في منتصف يوم العمل، والثاني هو الوقت المرن والذي يترك للموظف حرية قضائه ".
فقد يختار البعض من الساعة الحادية عشر صباحا إلى الساعة الثانية ظهرا، أو من الساعة السابعة صباحا إلى الثالثة ظهرا.
من مزايا هذا الأسلوب نجد :
- انخفاض الوقت الضائع بسبب التأخير في الحضور إلى العمل.
- ارتفاع نسبة ساعات العمل الفعلية إلى ساعات العمل المدفوعة.
- انخفاض نسبة الغياب.
- انخفاض نسبة الإجازات المرضية لأسباب شخصية.
- زيادة الإنتاجية خلال ساعات العمل الفعلية.
- زيادة درجة التعاون بين المنظمة والعاملين حيث قد يتأخرون بالمنظمة في حالة زيادة عبء العمل أو ينصرفون مبكرا في حالة وجود وقت عطل.
أما بالنسبة لسلبيات استعمال هذا الأسلوب فمنها :
- صعوبة إدارة العمل في ظل هذا النظام بسبب اختلاف مواعيد حضور وانصراف العاملين حسب اختيارهم خلال وقت العمل المرن.
- من الصعب تطبيقه في ظل المنظمات كبيرة الحجم.
- يتطلب وجود ساعة ميقاتية أو أية وسيلة أخرى لتسجيل الوقت وهو ما لا يفضله العاملون.
ثانيا- أسبوع العمل المضغوط :
بعض المنظمات قد تضغط أيام العمل الأسبوعية إلى 04 أيام فقط بحيث يعمل الموظف 10 ساعات يوميا بدلا من 08 ساعات لمدة 05 أيام.
يترتب على تطبيق إستراتيجية أسبوع العمل المضغوط العديد من المزايا من أهمها :
- زيادة الإنتاجية بسبب انخفاض الوقت الضائع عند بدء يوم العمل وعند نهايته، ولذلك فان معظم العاملين يرغبون في العمل مساء وفي يوم السبت كجزء من هذه الإستراتيجية.
- تشير مختلف الدراسات إلى أن تطبيق هذه الإستراتيجية في عدد من الشركات سمح بزيادة حجم الإنتاج في عدد منها وخفض التكلفة في الشركات الأخرى.
- إستراتيجية أسبوع العمل المضغوط تسهم في تقليل الأموال المنصرفة على العمل لوقت إضافي.
- الإسهام في خفض معدلات الغياب ودوران العمل.
أما عيوب هذه الإستراتيجية فتتمثل في :
- زيادة حالات التأخير عن العمل.
- إصابة العاملين بالتعب والإرهاق بسبب زيادة عدد ساعات العمل اليومي.
ثالثا- بدائل أخرى لترتيبات العمل المرنة : قد تتخذ المنظمة خطوات أخرى تتلاءم مع حاجات العاملين من أهمها :
1- إستراتيجية المشاركة في الوظيفة : التي تقوم على مشاركة موظفين أو أكثر في وقت العمل اليومي لوظيفة واحدة كأن يحضر الأول في الصباح والثاني بعد الظهر والثالث في المساء.
2- إستراتيجية المشاركة في العمل : حيث يتم تخفيض ساعات العمل اليومي لكل عامل خلال الظروف الاقتصادية الصعبة كبديل لفصل العاملين.
3- إستراتيجية مكان العمل المرن : حيث يعطى للعامل حرية اختيار المكان الذي يقوم منه بعمله سواء البيت أو مكان العمل.
4- إستراتيجية الاتصال عن بعد : حيث يعمل الأفراد من منازلهم ويتصلون بالمنظمة من خلال شاشة عرض فيديو ، ويستعان بالخطوط التلفونية لنقل الخطابات والأعمال المنجزة إلى المنظمة.
المبحث 03 :برامج إدارة الجودة الشاملة
إن العولمة الاقتصادية وتحول السوق العالمي إلى سوق واحد، فرض على المؤسسات منافسة شرسة تتعدى الحدود الإقليمية، وفرض عليها كذلك البحث الدائم عن مجالات وأساليب تميزها عن باقي المنافسين، أهمها الاهتمام بالجودة في مختلف جوانب الإدارة، وهو ما يعرف بإدارة الجودة الشاملة.
المطلب 01 : مفهوم الجودة وبرامج إدارة الجودة الشاملة
يمكن تعريف الجودة على أنها : " مجموعة السمات أو الخصائص المرتبطة بالمنتج أو الخدمة التي تسهم في إشباع حاجات معينة لدى العميل، أو هي مدى قدرة المنتج على الوفاء بحاجات العميل ".
أما برامج الجودة الشاملة فهي : " مجموعة برامج تنظيمية تستهدف تعظيم مستوى الإشباع لدى العميل من خلال الالتزام بمبادئ التحسين المستمر للعمليات ". وهو ما يعرف في الولايات المتحدة الأمريكية بـ التحسين المستمر والأخطاء الصفرية، أما في اليابان فهو يعرف بـ كايزن.
ولتشجيع الاهتمام بالجودة الشاملة فقد رصدت جائزة بالولايات المتحدة الأمريكية للشركات التي تبذل جهود مخلصة في هذا الصدد، وقد فازت بها عدة مؤسسات أهمها شركة موتورولا وشركة فيدرال اكسبريس، وشركة كاديلاك لإنتاج السيارات وشركة زيروكس.، تعرف هذه الجائزة بـ (جائزة بالدريج)، كما تلعب إدارة الموارد البشرية دورا مهما للفوز بها. وللحصول على هذه الجائزة يقوم مجموعة من الخبراء بتقييم سبعة نواحي أساسية هي :
- مدى التزام الإدارة العليا بمفهوم الجودة.
- تصميم نظام لجمع المعلومات عن مستوى جودة السلعة أو الخدمة.
- التخطيط الاستراتيجي للجودة.
- إدارة الجودة.
- الجودة وعلاقتها بتحقيق نتائج على المستويات التشغيلية.
- مستوى التركيز على العميل والقدرة على إشباع رغباته.
- مدى الاهتمام بالتحسين المستمر للعمليات.
كما يجدر بنا ذكر شهادة الأيزو التي تعتبر مجموعة من المعايير المكتوبة والتي تصدرها المنظمة الدولية للتوحيد القياسي وخاصة في مجالات الإدارة ورقابة الجودة، وللحصول على شهادة الأيزو فان الأمر يتطلب المرور بخمس خطوات أساسية تتمثل في :
- تقييم النظام المتبع بالشركات.
- تأكيد الجودة والإعداد اليدوي للسياسة.
- تدريب العاملين على مواصفات أيزو.
- التوثيق الكامل لكافة إجراءات العمل ومراجعة التسجيل.
المطلب 02 : برنامج تحسين الجودة وفقا لشركة فلوريدا
تعتبر شركة فلوريدا لإنتاج الكهرباء والطاقة من أوائل الشركات خارج اليابان والتي فازت بجائزة (ديمنج) في الجودة والتي تتشابه مع جائزة (بالدريج) في الولايات المتحدة الأمريكية، وتمنح هذه الجائزة بناء على تحقيق معدلات فائقة في مجال الرقابة على الجودة. ولهذا سنتناول بعض النقاط المهمة المتعلقة ببرنامجها لتحسين الجودة.
أولا- عناصر برنامج تحسين الجودة : يتكون برنامج تحسين الجودة لشركة فلوريدا لإنتاج الكهرباء والطاقة من ثلاثة عناصر أساسية تتمثل في :
1- وضع سياسة ثابتة للجودة : تقوم بشكل أساسي على الوفاء بحاجات العملاء، فوضعت شركة فلوريدا سياسة تقوم على تحديد توقعات العملاء أولا ووضعها في جداول مرتبة حسب أولوية إشباعها، ثم تقوم باختيار أهم خمس حاجات يرغبها العملاء وتبدأ بإشباعها. حيث بعد تحديد حاجات العملاء تترجم في شكل مجموعة من الأهداف القابلة للقياس الكمي، وتوزع هذه الأهداف على جميع عمال الشركة من خلال مجلة الحائط.
2- فرق تحسين الجودة : ويقصد بها مجموعة من الموظفين المدربين جيدا الذين يلتقون في العمل أسبوعيا لمدة ساعة أو أكثر لوضع برامج الجودة في العمل. أما في شركة فلوريدا فإننا نجد عدة أنواع من فرق العمل أهمها :
* الفرق الوظيفية والتي تعني أنها تجمع اختياري من الموظفين الذين يعملون سويا كوحدات عمل طبيعية على أساس يومي، ويختار الفريق أهم المشكلات التي تواجهه ثم يبدأ البحث عن حلول مناسبة لها من خلال اللقاء الأسبوعي.
* الفرق القيادية فيرأسها رئيس الشركة أو أي مدير آخر، وهذه الفرق تكون مسؤولة عن توجيه باقي الفرق في المنظمة.
3- التشجيع على الالتزام بالجودة خلال العمل اليومي : فالعاملين بالشركة يجب أن تكون لديهم القدرة على تحديد عملائهم وما يحتاجونه من حاجات ويعملون على إشباعها.
ثانيا- الدروس المستفادة من شركة فلوريدا : هناك مجموعة من الدروس المستفادة من شركة فلوريدا من أجل تحقيق جودة أكبر تتمثل في :
* التأكد من أن جميع فرق العمل تعمل في إطار السياسة الموضوعة لضمان توافق الجهود المبذولة مع أهداف الشركة.
* عدم تشكيل فرق مستقلة لتحسين الجودة ولكن يتم التصميم بشكل متوازي.
* التعامل مع برنامج تحسين الجودة على أنه وسيلة مستمرة ومنتظمة لأداء الأعمال بمستوى عال من الجودة.
* برنامج تحسين الجودة لا يحقق مستوى عال من النجاح إلا من خلال التدريب المستمر للموظفين في المستوى الإداري الأول.
* إكساب العاملين المهارات اللازمة لتحليل وحل المشكلات.
* ضرورة مراعاة اختيار عاملين جدد ذوي هيكل قيم يتفق مع متطلبات تطبيق برنامج الجودة الشاملة.
* عدم التركيز على زيادة الإنتاجية على حساب الجودة، بل أثبتت التجارب أن زيادة الجودة رافقتها زيادة الإنتاجية.
* التشجيع الدائم للموظفين.
الخاتمة :
يعد التغيير في عصرنا الحالي الثابت الوحيد حيث أننا أمام تغيرات يومية تلزم المنظمة على إدخال تغييرات داخلها تختلف درجة حدتها حسب ضرورتها، من تغييرات بسيطة كتغيير أوقات العمل مثلا، إلى تغييرات جذرية تتمثل في تغيير إستراتيجية المنظمة أو رسالتها ورؤيتها أو هيكلها التنظيمي. ونجد كذلك من بين مناهج التغيير ما يعرف بالتغيير التنظيمي.
تعد إعادة هندسة العمليات وتصميم المنظمات على أساس الفرق، أحد أساليب التغيير داخل المنظمة حيث تعتمد فيها على تغيير هيكلها التنظيمي ونمط عملها.
أما بالنسبة للتغييرات الخاصة بوقت العمل فيمكن للمنظمة أن تختار الأسلوب الذي يوافقها من خلال مقارنة مزايا وعيوب تطبيق كل أسلوب، سواء كان مثلا وقت العمل المرن أو أسبوع العمل المضغوط أو حتى أسلوب المشاركة في العمل ضمن وظيفة واحدة، وغيرها من الأساليب التي تحاول المنظمة من خلالها رفع إنتاجيتها وزيادة جودة منتجاتها وخدماتها.
وتعرف الجودة على أنها مدى قدرة المنتج على الوفاء بحاجات العميل، وحتى تحقق المنظمة هذه الجودة فإنها تعتمد على عدة برامج يطلق عليها اسم "برامج تحسين الجودة" التي تقوم على أساس تحديد حاجات العميل والسعي إلى إشباعها مع السعي إلى الوصول إلى تطبيق الجودة في كل العمليات اليومية.
يطرح التغيير حاليا على المؤسسات عدة رهانات تفرض عليها التغيير الديناميكي والشامل بشكل يجعلها تتكيف معه بشكل حتمي لتتمكن من تحقيق أهدافها وبالتالي استمرارها بالوقوف في وجه المنافسة العالمية الشرسة.
كما أصبح التغيير في وقتنا الحالي هو الثابت الوحيد، مما فرض على المنظمات تطوير نفسها أو إعادة تصميمها الداخلي بمعنى تبني التجديد داخلها.
بالإضافة إلى ظهور التحالفات والتكتلات الاقتصادية الكبرى وبروز ظاهرة اندماج الشركات العملاقة، أصبحت المنافسة شديدة وأصبحت ترتكز بشكل جوهري واستراتيجي على مفهوم الجودة الشاملة على مستويات المؤسسة وكل أنشطتها ووظائفها.
انطلاقا من هذا يمكن طرح الإشكالية التالية :
" كيف يتم إدارة التجديد في المنظمات؟ وما المقصود ببرامج الجودة الشاملة؟ "
للإجابة على هذا التساؤل ارتأينا تقسيم بحثنا هذا إلى 03 مباحث أساسية يهتم الأول بالتغيير والتطوير التنظيمي، أما المبحث الثاني فهو أمثلة لتطبيق التغيير في المنظمة، ثم يأتي المبحث الثالث للحديث عن برامج الجودة الشاملة التي تستعمل في غالب الأحيان لقياس مدى الجودة المتحصل عليها بعد إحداث التغيير.
المبحث 01 : إدارة التغيير والتطوير التنظيمي
قد يكون التغيير في المنظمة أحيانا ضرورة قصوى لابد القيام بها لتجاوز وضع معين، لكن المشكل الأساسي هو رفض الأفراد في الغالب لهذا التغيير وخوفهم منه، مما يستدعي إدارة فعالة لهذا التغيير حتى يتم تقبله ودعمه من طرف الأفراد في المنظمة.
مطلب 01 : أنواع وخطوات التغيير
لا يمكن إحداث التغيير في منظمة ما دفعة واحدة وإنما لابد من وجود مجموعة من الخطوات التي يجب إتباعها لتحقيق ذلك، كما أن التغيير في المنظمة قد يشمل عدة جوانب.
أولا- أنواع التغيير : قد يتطلب التغيير في المنظمة تغيير عدد من النواحي أهمها :
1- التغيير في الإستراتيجية : في غالب الأحيان فان الرغبة في التغيير التنظيمي تبدأ بإعادة النظر في إستراتيجية المنظمة ورسالتها.
2- التغيير في الثقافة التنظيمية : إن تغيير الإستراتيجية يستدعي إتباعها بإدخال تغييرات أخرى في ثقافة وقيم الأفراد داخل المنظمة، حتى يتماشى مع التغيير الجديد مثل محاولة إرساء قيم وعادات جديدة أو خلق أبطال جدد. ولأن تقبل الأفراد لهذا التغيير بسرعة نادرا ما يحدث، فان إدارة الموارد البشرية تلعب دورا هاما في ذاك يتمثل فيما يلي :
* توعية الموظفين بالنواحي التي تستحق الاهتمام والقياس والرقابة : حيث يتم توجيه اهتمام الموظفين إلى العناصر التي نرغب أن تكون قيم جديدة للمنظمة مثل الاهتمام بخدمة العميل.
* التصرف بايجابية اتجاه المواقف الصعبة والأزمات التنظيمية : حيث أنه في حالة وجود مشكلة كبيرة في المنظمة فان جميع الموظفين يحاولون حلها ويتحملون تبعاتها إذا كانت قيم التعاون قائمة بينهم.
* التشجيع على نمذجة الدور وتعلم القيم الجديدة التي نود التأكيد عليها : فمثلا استطاع Wall Mart أن يرسي مجموعة من القيم الجديدة لديه، حتى أصبح من أغنى أغنياء العالم بسبب التأكيد على قيم الأمانة والاقتصاد في التكلفة والعمل الجاد.
* التعامل مع الأولويات بنفس أسلوب التعامل مع المكافآت والأوضاع الوظيفية : أي يجب التركيز على تنفيذ ما طلب منا قبل المطالبة بزيادة الأجور والحوافز.
* التوفيق بين إجراءات ومعايير إدارة الموارد البشرية وبين ما تعتنقه من قيم.
3- التغيير في الهيكل التنظيمي : إن من أسرع الطرق لإحداث التغيير التنظيمي في أي مؤسسة كانت هو تغيير هيكلها التنظيمي، حيث يتم إعادة تنظيم المصالح والأقسام داخلها، وإلغاء المصالح غير المفيدة أو دمج المصالح المتشابهة أو حتى استحداث وظائف جديدة إذا استدعى الأمر ذلك، بالإضافة إلى إعادة تحديد مختلف العلاقات التي تربط بينها.
4- إعادة تصميم المهام : إن إعادة هيكلة المنظمة يستدعي بالضرورة إعادة تحديد مختلف المهام والوظائف التي يجب أن تقوم بها كل وظيفة، وكل شخص داخلها.
5- التغيير التكنولوجي : يكون له علاقة مباشرة بنظم وأساليب العمل داخل المنظمة، كإدخال نظام معلومات جديد أو تكنولوجيا جديدة في الإنتاج وغيرها من الأساليب الجديدة التي تغير طرق العمل داخل المنظمة عما كانت عنه في السابق.
6- إحداث تغييرات في اتجاهات ومهارات الأفراد : قد تتطلب الظروف إحداث تغييرات في الأفراد أنفسهم من خلال إكسابهم مهارات جديدة تمكنهم من رفع أدائهم.
ثانيا- خطوات التغيير : قبل الوصول إلى إحداث التغيير المرغوب فيه لابد من المرور بمجموعة من الخطوات الضرورية لذلك، حيث أن التغيير في المنظمة قد يواجه تيارين، التيار الأول يرغب بإحداث التغيير ويقبل به ويسعى إليه، أما التيار الثاني فهو الذي يبحث عن الاستقرار ويرفض أي تغيير قد يحدث. مما يجعل المنظمة أمام خيار واحد يتمثل في محاولة خفض قوة التيار المنادي بالاستقرار والمحاولة بكل الطرق الممكنة إقناعه بضرورة التغيير. وبصفة عامة فان خطوات إحداث التغيير تتلخص فيما يلي :
1- خلق الإحساس بوجود حاجة ملحة لإحداث التغيير : حيث يجب على القادة أن يخلقوا إحساسا لدى الأفراد الآخرين بأن التغيير أمر مهم وأنه الحل الوحيد للوضع القائم.
2- زيادة دعم وتأييد الأفراد للتغيير من خلال التشخيص الملائم للمشكلات التنظيمية : بعد خلق إحساس الحاجة للتغيير يقوم القادة بتشخيص مختلف المشكلات الجوهرية للمنظمة ومحاولة الوصول إلى فهم مشترك لهذه المشكلات وإيجاد الحلول لها، مما يجعل الأفراد داخل المنظمة يلتزمون ببرنامج التغيير المقرر في سبيل معالجة هذه المشكلات.
3- تشكيل فريق عمل قائد : لا بد من اختيار مجموعة من الأفراد ذوي الكفاءة والتأثير والقادرين على العمل مع بعضهم البعض في إطار فريق واحد لتنفيذ برنامج التغيير.
4- صياغة رؤية مشتركة : أحيانا يتطلب التغيير داخل المنظمة إحداث تغييرات عميقة تصل حتى رؤية المنظمة التي يتم تغييرها لتتلاءم مع الوضع الراهن.
5- تعريف الجميع برؤية المنظمة : بعد تغيير رؤية المنظمة لابد من نشر الرؤية الجديدة حتى يتمكن كل أعضاء المنظمة من معرفتها وفهمها، ويكون نشر الرؤية عن طريق مختلف الوسائل الرسمية وغير الرسمية/ كما يتم الاعتماد على التكرار حتى تثبت بأذهان العمال.
6- تمكين الموظفين من تسهيل إحداث التغيير : حتى تكون الرؤية حقيقة واقعة لابد من توافر كل الشروط لذلك مثل الرغبة القوية في جعلها وحقيقة وضرورة التغلب على أي عقبات قد تحول دون تحقيق ذلك، من خلال التدريب مثلا الذي يكسب الأفراد مهارات التعامل مع الوضع الجديد.
7- وضع أهداف قصيرة الأجل : إن التغيير لا يحدث بين يوم وليلة وإنما يتطلب وقتا طويلا لذلك، وبالتالي لابد من وضع أهداف قصيرة الأجل ليتم بعدها الوصول إلى إحداث التغيير.
8- تعزيز النتائج والاستمرار في إدخال المزيد من التغييرات : إن الوصول إلى تحقيق نتائج الأهداف القصيرة الأجل يستدعي الاستمرار في إدخال تغييرات تدريجية حتى يتم تحقيق التغيير الكلي.
9- إرساء طرق جديدة لتنفيذ الأعمال في ظل ثقافة المنظمة : كما سبق الذكر فان التغيير في المنظمة يوجب التغيير في قيم الأفراد داخلها.
10- الرقابة على معدلات النجاح وتعديل رؤية المنظمة إذا تطلب الأمر ذلك : حتى نحكم على فعالية التغيير لابد من القيام بمتابعة ورقابة مستمرة للتعرف على مقدار التقدم في تحقيق النتائج، وإذا تطلب الأمر يتم تغيير رؤية المنظمة مرة أخرى خصوصا إذا أثبتت أنها لم تحقق ما كان منتظرا منها.
مطلب 02 : استخدام التطوير التنظيمي في تغيير المنظمات
يعتبر التطوير التنظيمي أحد الطرق المساعدة على إحداث التغيير في المنظمات يتميز بمجموعة من الخصائص، ويجب أن يطبق بطرق محددة ليصل إلى إحداث التغيير.
أولا- مفهوم التطوير التنظيمي :
يقصد به : " أحد المناهج المتخصصة في إحداث التغيير التنظيمي والذي في ضوئه يشارك الموظفون بأنفسهم في اقتراح التغيير والمشاركة في تنفيذه، وذلك من خلال الاستعانة بمجموعة مدربة من المستشارين ".
ثانيا- خصائص التطوير التنظيمي : يتسم التطوير التنظيمي بمجموعة من الخصائص أهمها :
* يعتمد على البحوث الفعلية من خلال جمع البيانات اللازمة ووضعها أمام الموظفين لتحليلها واستخراج الفرضيات الخاصة بالمشاكل الملاحظة.
* تطبيق العلوم السلوكية في تحسين مستوى الكفاءة التنظيمية.
* استهداف تغيير قيم واتجاهات ومعتقدات الموظفين، ولذلك فان الموظفين يشاركون في تحديد وتنفيذ مختلف التغييرات المطلوبة في المنظمة لتحسين ممارسة الوظائف.
* وضع هدف محدد والسعي إلى تغيير المنظمة في اتجاه تحقيق هذا الهدف مثل تحسين جودة العمل.
ثالثا- تطبيقات التطوير التنظيمي : تزايدت التطبيقات المختلفة التي يمكن الاعتماد عليها في تطوير المنظمات، نذكر منها 04 تطبيقات رئيسية هي :
1- التطبيقات الإنسانية : يستهدف هذا التطبيق تحسين المهارات المتعلقة بالعلاقات الإنسانية وزيادة القدرة على التحليل الجيد لسلوك الفرد والجماعة وذلك بهدف زيادة قدرتهم على التعامل مع المشكلات الشخصية أو الخلافات بين أفراد العمل، ومن الأساليب المستخدمة لتحقيق ذلك ما يلي :
* تدريب الحساسية : يتم فيه تشكيل جماعات على شكل حرف "T" تتكون من 10-15 شخص يتناولون مجموعة من المواضيع دون تحديد النقاط الواجب مناقشتها، أي أنها تكون في شكل مناقشة عامة يتم خلالها التعبير عن أحاسيس كل فرد، الهدف منها هو زيادة قدرات الأفراد على مراقبة سلوكياتهم وتحليل سلوكيات الآخرين.
* أسلوب بناء الفريق : يقوم هذا الأسلوب على قيام مستشار بمقابلة كل فرد، ينتمي لفريق العمل الذي نقوم بدراسته، ويطرح عليهم مجموعة من الأسئلة أهمها : ما المشكلات التي تواجهكم؟ ما هي اتجاهاتكم بشأن وظائف المجموعة؟ ما هي المعوقات التي تحول دون تحقيق الأداء الجيد للمجموعة؟، وعند حصوله على البيانات يتم بتصنيفها إلى مجموعة من المواضيع التي سيتم طرحها على أفراد الفريق مجتمعين من أجل تحليلها والخروج بنتيجة.
* البحوث التطبيقية : تتم من خلال إجابة كل الموظفين على استقصاء يوزع عليهم، وعند الحصول على الإجابات تستخدم كمادة أولية للجماعات المسؤولة عن تحليل المشكلات.
2- التطبيقات التكنوهيكلية : أي إحداث تغييرات في الهياكل والطرق وتصميم الوظائف، ومن أهم هذه الأساليب برنامج تغيير الهيكل الرسمي والذي يقوم الموظفون فيه بجمع البيانات عن الهياكل الحالية ثم تطبيق نمط جديد لحل المشكلة القائمة.
3- تطبيقات إدارة الموارد البشرية : تتمثل أهم تطبيقات إدارة الموارد البشرية في نظم الأداء ونظام المكافآت المتبع في تعويض الموظفين، بالإضافة إلى برامج إدارة قوة العمل المتباينة الثقافات.
4- التطبيقات الإستراتيجية : تستهدف هذه التطبيقات إيجاد التوافق بين إستراتيجية الشركة، هيكلها التنظيمي، الثقافة السائدة بها ومتغيرات البيئة الخارجية، ومن أهم الأساليب لتحقيق هذه التطبيقات نجد الإدارة الإستراتيجية المتكاملة والتي تتكون من 04 خطوات أساسية هي ;
* تحليل الإستراتيجية المتبعة حاليا وكذا الهيكل التنظيمي.
* اختيار الإستراتيجية المقترحة وكذا الهيكل التنظيم اعتمادا على التحليل الذي يجريه مستشارو التطوير التنظيمي.
* وضع خطة للتغيير الاستراتيجي تشرح كيفية إجرائه
* تنفيذ الخطة الإستراتيجية الموضوعة مع مراعاة التقييم المستمر للنتائج.
المبحث 02 : بعض أساليب التغيير المعتمدة في المنظمات
ان التغيير في المنظمة قد يكون تغييرا بسيطا أو تغييرا جذريا يصل حتى إستراتيجية أو رؤية المنظمة، من هذه التغييرات نتناول طريقتين لتغيير الهيكل التنظيمي، وطريقة لتغيير بسيط يتمثل في تغيير ساعات العمل وتبني ساعات عمل مرنة.
المطلب 01 : تصميم المنظمات على أساس فرق العمل
مع كبر حجم المنظمات وظهور الشركات المتعددة الجنسيات فان إدارة نشاطات هذه الشركات، في عدد كبير من الأسواق العالمية التي تحكمها متغيرات بيئية مختلفة، أصبح صعبا مما أجبر هذه الشركات على تبني تنظيم آخر غير التنظيم الهيكلي الذي يتميز بالمركزية، وأصبح أسلوب فرق العمل أكثر الأساليب المستخدمة حاليا.
أولا- مفهوم فرق العمل الموجهة ذاتيا :
يقصد بفرق العمل الموجهة ذاتيا : " مجموعة من الفرق المسؤولة عن ممارسة مجموعة من المهام المستقلة، والتي تعتمد على الأسلوب الجماعي في اتخاذ القرارات المتعلقة باختيار أعضاء الفريق، أو حل المشكلات المتعلقة بالوظائف، أو تصميم الوظائف الخاصة بها وجدولة الوقت اللازم لممارسة أنشطتها ".
إن الأفراد المنتمين إلى هذه المجموعات فهم على درجة عالية من التدريب الذي يمكنهم من حل المشكلات أو تصميم الوظائف أو مقابلة المرشحين لشغل الوظائف، كما أن الفرد في هذه المجموعات يمارس العديد من المهام حتى ولو كانت من مسؤوليات مشرفه المباشر.
يعتبر "رنسيس ليكرت" من أوائل الذين نادوا بفكرة تشكيل هذه الفرق، حيث أوضح أنه من الممكن استغلال أقصى طاقة متاحة لدى الأفراد في حالة اشتراكهم في جماعة وظيفية متماسكة ومتلاحمة.
ونظرا للنجاح الباهر الذي حققته هذه الفرق فقد انتشرت بشكل واسع في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أصبح عدد كبير من المؤسسات الأمريكية تعمل بها. كما يجدر الذكر أن العديد من المديرين يرون بأنه أسلوب فعال لتحسين إنتاجية العاملين لأنهم شاركوا في صنع واتخاذ القرارات الهامة.
ثانيا- الإرشادات المتبعة لبناء فرق عمل منتجة : حتى يتم تشكيل هذه الفرق بأمثل طريقة فانه لابد من الاختيار الجيد للأفراد ذوي الكفاءة بالإضافة إلى التدريب والتحفيز وغيرها من الأنشطة التي ينبغي على إدارة الموارد البشرية الاهتمام بها، وبالتالي فان من أهم الإرشادات التي يجب إتباعها لبناء فرق منتجة ما يلي :
* وضع معايير للأداء، من أجل استخراج الانحرافات الناتجة عن الفرق بين الأداء الفعلي والأداء المعياري من أجل التصحيح.
* اختيار الأعضاء بناء على ما يتوفر لديهم من مهارات مع الأخذ بعين الاعتبار احتمالات إكساب الأعضاء مهارات جديدة.
* تدريب الأعضاء ليكونوا مدربين ليكونوا رؤساء.
* الإعلام المنتظم للأعضاء بما يواجه المنظمة من تحديات مع تزويدهم بالحقائق والمعلومات التي يسترشدون بها في اتخاذ قراراتهم.
* اختيار الأفراد الذين يرغبون في العمل بروح الفريق.
* الاهتمام بالتدريب بشكل كبير.
* الاهتمام بالتدريب عبر الوظائف لإتاحة الفرصة أمام العضو لتعلم وظيفة زملاءه سواء بشكل غير مباشر أو خلال نظام محكم للتناوب الوظيفي.
المطلب 02 : إعادة هندسة العمليات
تعتبر شركة IBM من الشركات الرائدة التي اعتمدت على هذا الأسلوب في إعادة تصميمها من أجل تخفيض الوقت اللازم لخدمة العميل.
أولا- مفهوم إعادة هندسة العمليات :
يقصد بإعادة هندسة العمليات : " إعادة التفكير الأساسية وإعادة التصميم الجذري للعمليات بهدف تحقيق تحسينات جوهرية فائقة، وليست هامشية تدريجية، في معايير الأداء الحاكمة مثل التكلفة، الجودة، الخدمة والسرعة ".
كما أن إعادة هندسة العمليات تتميز بمجموعة من الخصائص التي تتمثل فيما يلي :
* إمكانية دمج العديد من الوظائف المتشابهة في وظيفة واحدة.
* تمكين الموظفين من اتخاذ العديد من القرارات.
* التأني في اختيار وتدريب المسؤولين عن القيام بأنشطة إعادة هندسة العمليات.
* استحداث وظيفة جديدة يطلق عليها (مدير الخدمة) والذي يكون مسؤولا بصفة أساسية عن خدمة العملاء وحل مشاكلهم.
ثانيا- دور إدارة الموارد البشرية في إعادة هندسة العمليات : لقد أدرك الخبراء أن إدارة الموارد البشرية تلعب دورا هاما في التنفيذ الناجح لجهود إعادة الهندسة، ويمكن إبراز أهمية هذا الدور من خلال ما يلي :
1- الحصول على الدعم والتأييد لجهود إعادة هندسة العمليات : حيث أن نجاح عملية إعادة الهندسة يستلزم دعما كبيرا من الموظفين وبالتالي فان إدارة الموارد البشرية هي المسؤولة عن تعيين الأفراد الذين تتوفر فيهم القيم التي تتماشى مع التغيير، وكذا تحفيزهم أكثر وضمان اتصالات أقوى.
2- مساهمة إدارة الموارد البشرية في تشكيل فرق العمل : وذلك من خلال اختيار أفضل الأفراد والذين يمكنهم العمل معا، وكذا تدريبهم على اكتساب المهارات اللازمة لأداء الأنشطة الجديدة المتولدة عن تشكيل فرق العمل.
3- دور إدارة الموارد البشرية في تغيير طبيعة العمل : حيث تتطلب إعادة هندسة العمليات التحول من الوظائف المتخصصة إلى الوظائف العامة ذات الأبعاد المتعددة، ولكن هذا لا يعني أن الفرد سوف يكون مسؤولا عن كل العملية ولكن المسؤولية تكون مشتركة بين أعضاء فريق العمل، وبالتالي فان إدارة الموارد البشرية عليها تعيين الأفراد ذوي المهارات المطلوبة أو إكسابهم هذه المهارات من خلال برامج تدريبية فعالة.
4- دور إدارة الموارد البشرية في التحول من وظائف المراقبة إلى الوظائف الممكنة : فالموظفون بحاجة إلى التمكين الذين يحفزهم على القيام بما يطلب منهم من مهام، وفي نفس الوقت تطبيق إعادة الهندسة يقلل من مستوى الإشراف الواقع عليهم، وهذا ما يلزم إدارة الموارد البشرية على التركيز عند اختيار الموظفين الجدد على توافر هيكل مناسب من القيم لديهم.
5- دور إدارة الموارد البشرية في التحول من التدريب إلى التعليم : حيث أن الأمر لم يعد مقصورا على تزويد الفرد بالتدريب الذي يمكنه من أداء وظيفته بشكل أفضل، ولكن من المهم التأكيد على أن أعضاء فريق العمل بحاجة إلى تعليم يزيد من فهمهم لكيفية تحليل وحل المشكلات وفي نفس الوقت يؤدي إلى التحسين المستمر للعمليات.
المطلب 03 : إعداد ترتيبات العمل المرنة
قد لا يتطلب تطوير المنظمة إدخال تغييرات جذرية وإنما قد يكتفي بإدخال تغييرات بسيطة كالتغيير في وقت العمل وتخصيص ساعات عمل مرنة، ونستعرض فيما يلي البدائل الممكنة للجدولة المرنة :
أولا- وقت العمل المرن :
يعرف وقت العمل المرن على أنه : " خطة يقوم الموظف بمقتضاها بتقسيم وقت العمل إلى نوعين، الأول هو وقت مركزي غالبا ما يقع في منتصف يوم العمل، والثاني هو الوقت المرن والذي يترك للموظف حرية قضائه ".
فقد يختار البعض من الساعة الحادية عشر صباحا إلى الساعة الثانية ظهرا، أو من الساعة السابعة صباحا إلى الثالثة ظهرا.
من مزايا هذا الأسلوب نجد :
- انخفاض الوقت الضائع بسبب التأخير في الحضور إلى العمل.
- ارتفاع نسبة ساعات العمل الفعلية إلى ساعات العمل المدفوعة.
- انخفاض نسبة الغياب.
- انخفاض نسبة الإجازات المرضية لأسباب شخصية.
- زيادة الإنتاجية خلال ساعات العمل الفعلية.
- زيادة درجة التعاون بين المنظمة والعاملين حيث قد يتأخرون بالمنظمة في حالة زيادة عبء العمل أو ينصرفون مبكرا في حالة وجود وقت عطل.
أما بالنسبة لسلبيات استعمال هذا الأسلوب فمنها :
- صعوبة إدارة العمل في ظل هذا النظام بسبب اختلاف مواعيد حضور وانصراف العاملين حسب اختيارهم خلال وقت العمل المرن.
- من الصعب تطبيقه في ظل المنظمات كبيرة الحجم.
- يتطلب وجود ساعة ميقاتية أو أية وسيلة أخرى لتسجيل الوقت وهو ما لا يفضله العاملون.
ثانيا- أسبوع العمل المضغوط :
بعض المنظمات قد تضغط أيام العمل الأسبوعية إلى 04 أيام فقط بحيث يعمل الموظف 10 ساعات يوميا بدلا من 08 ساعات لمدة 05 أيام.
يترتب على تطبيق إستراتيجية أسبوع العمل المضغوط العديد من المزايا من أهمها :
- زيادة الإنتاجية بسبب انخفاض الوقت الضائع عند بدء يوم العمل وعند نهايته، ولذلك فان معظم العاملين يرغبون في العمل مساء وفي يوم السبت كجزء من هذه الإستراتيجية.
- تشير مختلف الدراسات إلى أن تطبيق هذه الإستراتيجية في عدد من الشركات سمح بزيادة حجم الإنتاج في عدد منها وخفض التكلفة في الشركات الأخرى.
- إستراتيجية أسبوع العمل المضغوط تسهم في تقليل الأموال المنصرفة على العمل لوقت إضافي.
- الإسهام في خفض معدلات الغياب ودوران العمل.
أما عيوب هذه الإستراتيجية فتتمثل في :
- زيادة حالات التأخير عن العمل.
- إصابة العاملين بالتعب والإرهاق بسبب زيادة عدد ساعات العمل اليومي.
ثالثا- بدائل أخرى لترتيبات العمل المرنة : قد تتخذ المنظمة خطوات أخرى تتلاءم مع حاجات العاملين من أهمها :
1- إستراتيجية المشاركة في الوظيفة : التي تقوم على مشاركة موظفين أو أكثر في وقت العمل اليومي لوظيفة واحدة كأن يحضر الأول في الصباح والثاني بعد الظهر والثالث في المساء.
2- إستراتيجية المشاركة في العمل : حيث يتم تخفيض ساعات العمل اليومي لكل عامل خلال الظروف الاقتصادية الصعبة كبديل لفصل العاملين.
3- إستراتيجية مكان العمل المرن : حيث يعطى للعامل حرية اختيار المكان الذي يقوم منه بعمله سواء البيت أو مكان العمل.
4- إستراتيجية الاتصال عن بعد : حيث يعمل الأفراد من منازلهم ويتصلون بالمنظمة من خلال شاشة عرض فيديو ، ويستعان بالخطوط التلفونية لنقل الخطابات والأعمال المنجزة إلى المنظمة.
المبحث 03 :برامج إدارة الجودة الشاملة
إن العولمة الاقتصادية وتحول السوق العالمي إلى سوق واحد، فرض على المؤسسات منافسة شرسة تتعدى الحدود الإقليمية، وفرض عليها كذلك البحث الدائم عن مجالات وأساليب تميزها عن باقي المنافسين، أهمها الاهتمام بالجودة في مختلف جوانب الإدارة، وهو ما يعرف بإدارة الجودة الشاملة.
المطلب 01 : مفهوم الجودة وبرامج إدارة الجودة الشاملة
يمكن تعريف الجودة على أنها : " مجموعة السمات أو الخصائص المرتبطة بالمنتج أو الخدمة التي تسهم في إشباع حاجات معينة لدى العميل، أو هي مدى قدرة المنتج على الوفاء بحاجات العميل ".
أما برامج الجودة الشاملة فهي : " مجموعة برامج تنظيمية تستهدف تعظيم مستوى الإشباع لدى العميل من خلال الالتزام بمبادئ التحسين المستمر للعمليات ". وهو ما يعرف في الولايات المتحدة الأمريكية بـ التحسين المستمر والأخطاء الصفرية، أما في اليابان فهو يعرف بـ كايزن.
ولتشجيع الاهتمام بالجودة الشاملة فقد رصدت جائزة بالولايات المتحدة الأمريكية للشركات التي تبذل جهود مخلصة في هذا الصدد، وقد فازت بها عدة مؤسسات أهمها شركة موتورولا وشركة فيدرال اكسبريس، وشركة كاديلاك لإنتاج السيارات وشركة زيروكس.، تعرف هذه الجائزة بـ (جائزة بالدريج)، كما تلعب إدارة الموارد البشرية دورا مهما للفوز بها. وللحصول على هذه الجائزة يقوم مجموعة من الخبراء بتقييم سبعة نواحي أساسية هي :
- مدى التزام الإدارة العليا بمفهوم الجودة.
- تصميم نظام لجمع المعلومات عن مستوى جودة السلعة أو الخدمة.
- التخطيط الاستراتيجي للجودة.
- إدارة الجودة.
- الجودة وعلاقتها بتحقيق نتائج على المستويات التشغيلية.
- مستوى التركيز على العميل والقدرة على إشباع رغباته.
- مدى الاهتمام بالتحسين المستمر للعمليات.
كما يجدر بنا ذكر شهادة الأيزو التي تعتبر مجموعة من المعايير المكتوبة والتي تصدرها المنظمة الدولية للتوحيد القياسي وخاصة في مجالات الإدارة ورقابة الجودة، وللحصول على شهادة الأيزو فان الأمر يتطلب المرور بخمس خطوات أساسية تتمثل في :
- تقييم النظام المتبع بالشركات.
- تأكيد الجودة والإعداد اليدوي للسياسة.
- تدريب العاملين على مواصفات أيزو.
- التوثيق الكامل لكافة إجراءات العمل ومراجعة التسجيل.
المطلب 02 : برنامج تحسين الجودة وفقا لشركة فلوريدا
تعتبر شركة فلوريدا لإنتاج الكهرباء والطاقة من أوائل الشركات خارج اليابان والتي فازت بجائزة (ديمنج) في الجودة والتي تتشابه مع جائزة (بالدريج) في الولايات المتحدة الأمريكية، وتمنح هذه الجائزة بناء على تحقيق معدلات فائقة في مجال الرقابة على الجودة. ولهذا سنتناول بعض النقاط المهمة المتعلقة ببرنامجها لتحسين الجودة.
أولا- عناصر برنامج تحسين الجودة : يتكون برنامج تحسين الجودة لشركة فلوريدا لإنتاج الكهرباء والطاقة من ثلاثة عناصر أساسية تتمثل في :
1- وضع سياسة ثابتة للجودة : تقوم بشكل أساسي على الوفاء بحاجات العملاء، فوضعت شركة فلوريدا سياسة تقوم على تحديد توقعات العملاء أولا ووضعها في جداول مرتبة حسب أولوية إشباعها، ثم تقوم باختيار أهم خمس حاجات يرغبها العملاء وتبدأ بإشباعها. حيث بعد تحديد حاجات العملاء تترجم في شكل مجموعة من الأهداف القابلة للقياس الكمي، وتوزع هذه الأهداف على جميع عمال الشركة من خلال مجلة الحائط.
2- فرق تحسين الجودة : ويقصد بها مجموعة من الموظفين المدربين جيدا الذين يلتقون في العمل أسبوعيا لمدة ساعة أو أكثر لوضع برامج الجودة في العمل. أما في شركة فلوريدا فإننا نجد عدة أنواع من فرق العمل أهمها :
* الفرق الوظيفية والتي تعني أنها تجمع اختياري من الموظفين الذين يعملون سويا كوحدات عمل طبيعية على أساس يومي، ويختار الفريق أهم المشكلات التي تواجهه ثم يبدأ البحث عن حلول مناسبة لها من خلال اللقاء الأسبوعي.
* الفرق القيادية فيرأسها رئيس الشركة أو أي مدير آخر، وهذه الفرق تكون مسؤولة عن توجيه باقي الفرق في المنظمة.
3- التشجيع على الالتزام بالجودة خلال العمل اليومي : فالعاملين بالشركة يجب أن تكون لديهم القدرة على تحديد عملائهم وما يحتاجونه من حاجات ويعملون على إشباعها.
ثانيا- الدروس المستفادة من شركة فلوريدا : هناك مجموعة من الدروس المستفادة من شركة فلوريدا من أجل تحقيق جودة أكبر تتمثل في :
* التأكد من أن جميع فرق العمل تعمل في إطار السياسة الموضوعة لضمان توافق الجهود المبذولة مع أهداف الشركة.
* عدم تشكيل فرق مستقلة لتحسين الجودة ولكن يتم التصميم بشكل متوازي.
* التعامل مع برنامج تحسين الجودة على أنه وسيلة مستمرة ومنتظمة لأداء الأعمال بمستوى عال من الجودة.
* برنامج تحسين الجودة لا يحقق مستوى عال من النجاح إلا من خلال التدريب المستمر للموظفين في المستوى الإداري الأول.
* إكساب العاملين المهارات اللازمة لتحليل وحل المشكلات.
* ضرورة مراعاة اختيار عاملين جدد ذوي هيكل قيم يتفق مع متطلبات تطبيق برنامج الجودة الشاملة.
* عدم التركيز على زيادة الإنتاجية على حساب الجودة، بل أثبتت التجارب أن زيادة الجودة رافقتها زيادة الإنتاجية.
* التشجيع الدائم للموظفين.
الخاتمة :
يعد التغيير في عصرنا الحالي الثابت الوحيد حيث أننا أمام تغيرات يومية تلزم المنظمة على إدخال تغييرات داخلها تختلف درجة حدتها حسب ضرورتها، من تغييرات بسيطة كتغيير أوقات العمل مثلا، إلى تغييرات جذرية تتمثل في تغيير إستراتيجية المنظمة أو رسالتها ورؤيتها أو هيكلها التنظيمي. ونجد كذلك من بين مناهج التغيير ما يعرف بالتغيير التنظيمي.
تعد إعادة هندسة العمليات وتصميم المنظمات على أساس الفرق، أحد أساليب التغيير داخل المنظمة حيث تعتمد فيها على تغيير هيكلها التنظيمي ونمط عملها.
أما بالنسبة للتغييرات الخاصة بوقت العمل فيمكن للمنظمة أن تختار الأسلوب الذي يوافقها من خلال مقارنة مزايا وعيوب تطبيق كل أسلوب، سواء كان مثلا وقت العمل المرن أو أسبوع العمل المضغوط أو حتى أسلوب المشاركة في العمل ضمن وظيفة واحدة، وغيرها من الأساليب التي تحاول المنظمة من خلالها رفع إنتاجيتها وزيادة جودة منتجاتها وخدماتها.
وتعرف الجودة على أنها مدى قدرة المنتج على الوفاء بحاجات العميل، وحتى تحقق المنظمة هذه الجودة فإنها تعتمد على عدة برامج يطلق عليها اسم "برامج تحسين الجودة" التي تقوم على أساس تحديد حاجات العميل والسعي إلى إشباعها مع السعي إلى الوصول إلى تطبيق الجودة في كل العمليات اليومية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق